الخميس، 3 يوليو 2014

أسواق الحلم ..قصة

المنزل قديم مبنى بالحجارة في إحدى شوارع الجيزة الممتدة عبر ما يقرب من مائة عام ,الطوابق الأربعة تختلف كل في ملامحها عن الأخرى فالطابق الأول بنافذة واحدة على الشارع و الثانى بنافذتين و الثالث له شرفتين من الخرسانة أما الأخير فيحمل نافذة واحدة عريضة جداً
"فاطمة _إمرأة توفى ولديها منذ عامين و لمدة أكثر من هذه دعتها أحلامها إلى هنا حتى تداخل الحلم بالواقع "  

...: " الآن فقط أريد أن أحيا بعض الواقع الحلم فأنا أحوم حول المنزل أسبوعياً و لا مفر الآن , الجنون من ورائى و الجرس من أمامى توكلت على الله "
 ___ حازم: " أحقاً فاطمة أهو أنتِ ؟ "
...

و بعد نصف ساعة 
..." و كيف هذا أأنتِ مدركة لما تريدين فعله ؟ هم غرباء عنك و أنتِ كذلك بالنسبة إليهم و أعلم أنك تملكين بيتاً آخر فلماذا ؟ "
_____

...
جرس آخر ..
حازم : .. " هذه المرأة كانت مع أسرتها تسكن الشقة قبل مجيئكم و أنا الضامن لها فهى عشرتنا الغالية و مطلبها فقط هو سكنى الحجرة الشرقية و أعلم أنها شاغرة و هي مستعدة لتقديم الضمانات التي تطلبها بل و أن تحتفظ بتحقيق الشخصية خاصتها لديك و أنت في ضائقة مالية يعلمها الجميع "
تركتهم عينا فاطمة لتسبح في هواء الجدران ثم تبعتهم قدميها لتتوقف عند النافذة الضخمة الرابضة بنهاية البهو .." هناك عصافير بالشرفة الصغيرة الخلفية "..باغتته بالسؤال فتأكد حازم من عدم توازن قواها العقلية و هم بالدفاع بشكل عشوائى عندما إستوقفته عينا صابر المندهشة :" و كيف عرفتِ أن هناك عصافير تأتى لهذه الشرفة تحديداً ؟ "..إبتسمت كأنها لا تراه و أردفت : " تركتها هنا عندما رحلت " فأعترض حازم :" منذ عشرون عاماً !! ".. إنتبهت لغضبته و لكنها لم تفهم فأنقذها صابر بنداء إمرأته .. " زوجتى و أولادى خالد و رحمة" و متوجهاً إليهم "  أخت أستاذ حازم و ستمكث معنا في الغرفة الشاغرة لبعض الوقت " ثم لإمرأته "عزيزتى هي ضيفتنا اليوم لوجبة الغداء "


..(1)... 

الشرفة الصغيرة تصحبنى حتى النوم و عودة الرهبة التي لم تختفى رغم حسابات السنين من همس الجدران   وددت التحدث معهم و لكن الكلمة في بعض الأحيان أشعر بها غصة في الحلق دوماً كنت أحلم بتلك الغصة في عمر الطفولة فأستيقظ مختنقة كأنما أبتلع حنجرتى و ربما الهامسون في حجرتى أرادوا "تطفيشى " و ها هى تعود ثانية و .. تنقذنى اليقظة 

.(2) ...

 في السوق أشترى الأسماك الطازجة و الباعة ينادون نعم هذه السمكة أريدها فيقتحم بائع الطماطم المسافة الفاصلة "أبيعك إياها"  يعلو ندائه بالسعر و ينسكب اللون الأحمر من صوته فأفزع منه و اليقظة تسبق الحلم فما زلت أسمع صوت البائع و انا أحدق بسقف الحجرة 

..(3).. 

"رودينا" فتاة تسلقت الحلم صغيرة صلعاء لكنها تمشى و أنا بجوارها تقترب من قامتى فيحملها أحدهم للمشفى هي مريضة إذن و أنا فقط أنتظر حِبلى بجوارها و أحاول أن ألدها بلا علة ..تشتد آلام المخاض فتوقظنى الآه 

..(4).. 

أنتِ لا تأكلين شيئاً يسألنى خالد فأنظر إليه .. هو صغير ربما يشبه ولدى و ربما هو ولدى ..أنا آكل الشيكولاتة فقط و هي من النوع الفاخر إنتظر سأعطيك منها .. الحجرة تمتلىء بالقطط و هي وحدها ذات اللون البنى الداكن من أعشقها أقترب فأقبلها حتى يمتلىء فمى بالشعر ..يشتد السعال لأبلغ اليقظة
............
صابر :

" أستاذ حازم أهي مريضة ؟ "
_ " هل تعرضت لأحدكم بالأذى ؟"
_ " لا و لكنها تنتقل بين الشرفات ليلاً و تجلس في صمت محدقة بالفراغ ..البارحة إبتسمت و أعطت خالد قطعة من الشيكولاتة و دخلت لغرفتها و عندما تبعها ليشكرها وجدها مستغرقة في النوم و بعد دقائق سمعناها تموء ثم تسعل "
_ " هي إمرأة مكلومة فلا تقسو عليها طالما لا تؤذى أحداً و لا تنسى انك وعدتها بالسكن الآمن و هي أغدقت عليك بأكثر مما طلبت لإيجار الغرفة فلا تحنث بوعدك معها .. هي و عائلتها من قبل لم يكثروا من الحديث يوماً و لكنهم كانوا رحماء طيبون "
_ " أعلم هذا فالدموع دوماً تسكنها و لكنى أخشاها و ربما تضمر لنا السوء "
_  "أتحاسبها بهاجس فتحكم عليها بلا دليل ؟"
_ " نعم و الأفضل أن تغادر "


...(5)...

 أغمض عينى فيتدافع الهواء و أتساقط من سطح يبدو مألوفاً رأيته قبلاً في حلم آخر , أحسسته ذكرى و لم أجد منه في نفسي يقيناً أغمض عينى ثانية كى لا أفزع .. الأرض تقترب و الضباب لا يستيقظ و ما زالت عينى لم تشرق بعد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق