الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

فتحى بك

المكان : غرفة مكتب أنيقة و فخمة 
فريد محامى شاب تجاوز العقد الثالث بقليل ينام على أريكة أمام المكتب 
الوقت :منتصف الليل 
ينتفض فزعاً مع دقات الساعة , يفرك عينيه و يحدق بهما فى الفراغ كأنما يرى شيئاً و ضباب هلامى يتكون أمامه ...
ـ ما هذا ؟ من انت ؟ ..لا تقل لى ..أنت شبحه ...مرحباً فتحى بك ..أعذرنى و لكنى ربما توقعت رؤيتك بعد هذا اليوم الحافل ..كيف حالك هناك ؟ ...هاهاهاهاها ( ضحكات هستيرية ) أنت ميت لهذا لن تقبل عرضى بتدخين هذا الصنف الفاخر الذى وجدته هنا فى مكتبك منذ يومين ..أتدرى حقاً أنت أبله لتترك هذا و تموت و لكن ..آه نسيت لقد قتلك أحدهم هاهاهاها..أتعرف شيئاُ ...أنا الفاعل ....نعم ..لا تنظر هكذا بإستنكار ..أنا قتلتك ..و لم يتم إدانتى .إنتظر
ـــــ يشعل لفافة منتفخة و يتنفس حريقها ثم يعتدل و قد إتسعت عيناه ــــــــ
ـ فتحى بك العظيم صاحب نظرية العدالة عقاب من السماء فقط أما الأرض فلها حسابات أخرى أغلبها بنكية ..أتذكر فريد هه ..الشاب صاحب النظارات فى قضية مقتل صابر مجاهد بطلق نارى من مسافة قريبة و المتهم فيها أحد ضباط الشرطة ..فريد كان شاهد عيان على الواقعة و لكنك بحرفية رائعة إستطعت التشكيك فى صحة رؤيته لأن منظاره الطبى أقل من قياسه الصحيح فإزداد تلعثم الشاب و تم تفنيد شهادته الغير دقيقة و براءة المتهم
ـــــــــ أزاح كتفيه للوراء ليداعب أنفاساً أخرى و يلتقط منظاره الطبى من مسند الأريكة بجواره ـــــــــ
:ـ لا أعتقد أن الوقت سيقتلك فهذه إنتهت منذ زمن فإسمح لى بمتعة دور الواعظ و حدق قليلاً فى وجهى ..ألا تذكرنى ؟ أقصد ربما قبل أن تموت فأنت بالطبع لا تذكرنى الآن هاهاها..هذا الشاب أيها الرائع هو أنا فريد و كنت أدرس فى الصف الأول بكلية الحقوق و لم يشغلنى بعدها سوى متابعة أعمالك المتقنة و أحكام البراءة المتتالية لأنواع القتل على مدى سنوات و بعد تخرجى تقدمت لشركتك العريقة و تدربت بها سنوات أخرى فعلمت أنك تعمل لوقت متأخر من الليل لترتب أفكارك و تضع إحتمالات قبل متابعة المحاكمات فإقتنصت فرصتى و وضعت لك مهدىء داخل مشروبك فى غفلة من الساعى و بعد إنصراف الجميع.. قتلتك ..و سأقتل هذا الشبح منك إذا لم يتركنى بعد اليوم هاهاها ...الوقت يستدعينى الآن ـــــــــــ ترك مكانه و ضرب الهواء بيديه فتبعثرت الأدخنة و ظهرت صورة كبيرة على الحائط و أسفلها إسم صاحبها ..فريد فتحى ..نظر فى مرآة بجانبها يعدل خصلات بيضاء تناثرت لتكذب ضحكاته و عمره ..ألقى نظرة أخيرة على خطاب البنك بالحجز على الشركة ثم عنوان  الصفحة الاخيرة بالصحيفة ..تشكر الأسرة من تقدم إليها بالتعازى فى الذكرى السنوية الخامسة لوفاة فتحى بك .... يلقى بهما من النافذة قيد الطيران و ينطلق خارجاً يحمل ضحكاته فيفزع الليل منها 

ــــــــــــــــــــــ
9 فبراير، 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق